الجمعة، 27 سبتمبر 2019

انكسار قلم

فجأة كسرت قلمي.. اكتشفت أني كنت أكتب على الماء بعبثية مقيتة.. يا الله! كل الذين أحببتهم وعاشرتهم، فقدتهم بمجرد أن هناك "ريبوت" بغيض قرر أن يغلق حسابا استهلك مني وأهلك عشر سنين!!
كرهت كيف انخدعت لسراب أدمنته.. عقد من الزمن كنت -بقدر المتاح وما أمثل- أرفع من شأن مارك بمرح وأهدم من نفسي في غفلة.. ولو أنها نفس تموت جميعة؛ ولكنها نفس؛ ولكنه عمر؛ تساقطت في غمراته أنفسا..
كنت أسمعهم يتحدثون في الإعلام عن مخاطر الإدمان وعواقبه على الصحة والمال والعقل.. لم أكن أعتقد أن الأمر قد يكون يعنيني.. لأنني لم أكن أعرف من الإدمان ولا عنه إلا القليل. لقد أفقت على الدنيا وأنا أعتقد أن "الشاي المنعنع" و"الزريق" يتربعان على رأس لائحة الطيبات من الرزق.. وكنت أنظر إلى لفائف التبغ في أيدي الأكبر سنا، علامة أصلية للرجولة.. وأول ما بدأت أتجرأ وأختار لنفسي عاداتي الحياتية، كنت قد حجزت مقاما متقدما بين صفوف المدخنين أمام الإعدادية في الفسحة وما بين الحصص.. ليس مجتمعي متزمتا البتة تجاه التدخين ولا مقيدا لحرية المراهقين.. أو الرجال في نوع غريب من التهيئة المبكرة لشباب الحي على تحمل أعباء الرجولة، وبمحفزات عالية من صلاحيات الرجال وامتيازاتهم،؛يدفعون باكرا للميدان..
المهم.. لم أكن وأنا ابن هذا المجتمع الصحراوي البكر يخاف من الإدمان، في حيز لا يعرف للخمور صفة إلا أن أبعد مدى للمبالغة في الحلاوة، قولهم: "أحلى من الخمر" أما الحشيش.. "فالحشيشة بيننا وبينه لما تنتف بعد" والحمد لله رب العالمين.. وإن كنا بدأنا نتسامع أن من الخمر من يتسوغه شاربه ولا يكاد يسيغه، فنعجب لذلك المروث البريئ!!
وبعد سبع عجفتُ فيها وتعودني المرض؛ وبعد أن أخذت نصيبي من الرجولة بكل ثقلها؛ قررت مكرها أن أتحرر من عبودية التبغ بكل أصنافه.. تجربة مريرة من الفراغ لم أستطع تجاوزها بسهولة، جعلتني أخشى ما أخشاه أن أعود ثانية للإدمان.. أي إدمان! وكنت أحذر نفسي وأنا أوغل في الإدمان معاتبا: ويحك، ماذا بعد؟ كنت تكتفين بلفافة تبغ أو لفافتين، وها أنت في منتها الشره تشعلين اللفافة من أختها ولا تصدرين عن شبع أو ري أو انتفاخ، لست أدري!!. وما أراك إلا منتقلة إلى مرحلة أبعد.. في رحلة لا يملك سالكها غير خطواته الأول، قبل أن ينجرف  فينجرف!!
وجدتني بعد عشر سنين من أتلمس طريقي الطويل، أبحث عني.. عن أشياء فقدتها، عن أشياء فقدتني.. إلى الأبد!!
ويتحدثون في استغراب عن شاب حدث من بني الأصفر، جمع أموالا قارونية، لا تجتمع عادة إلا في قرون.. قلت: ليس العجب إلا أن يند عن ملكه دينار أو درهم، فقد ملك مِلاك القلوب.. مالئ الدنيا هراء وشاغل الناس بالباطل، أبلى أليس هو مالك الفيسبوك وأخواته..!!

ليست هناك تعليقات: